(4)
المريخ

المريخ الكوكب الوحيد الذي يُمكن مشاهدة سطحه بوضوح من على ظهر الأرض. ويظهر في لون أحمر.
والمريخ رابع كوكب من حيث بُعْده عن الشمس، بعد الأرض مباشرة. ويبلغ بعده المتوسط عن الشمس 227,900,000كم، بينما تبعد الأرض عن الشمس 150,000,000كم. ويكون المريخ في أقرب بعد عن الأرض على مسافة 55,700,000كم. وتُعتبر الزُّهرة الكوكب الوحيد الذي يقترب من الأرض أقل من ذلك. ويكون أبعد مايكون من الأرض على مسافة 399,000,000كم.
يبلغ قطر المريخ حوالي 6,796كم، وهذا أكبر قليلاً من نصف قطر الأرض، ويعتبر عطارد وبلوتو الكوكبين الأصغر من المريخ.
المدار. يدور المريخ حول الشمس في مدار إهليلجي (بيضيّ الشكل)، فيكون في أقصى بعد له عنها على مسافة 249,200,000كم، بينما يكون في أقرب نقطة على مسافة 206,600,000كم. ويأخذ الكوكب 687 يوماً أرضياً لكي يتم دورة كاملة حول الشمس، بينما تأخذ الأرض 365 يوماً فقط، أي سنة واحدة لتتم دورتها حول الشمس.
الدوران. كما يدور المريخ حول الشمس، فإنه يدور حول محوره (المحور هو الخط التخيلي الذي يمر بالمركز) وهذا المحور ليس عمودياً (أي بزاوية 90°) على مداره حول الشمس، إنما يميل بزاوية حوالي 24° عن الاتجاه العمودي، وهذا الميل يجعل الفصول تحدث على سطح المريخ شبيهة بالفصول التي تحدث على الأرض. ولتوضيح ميل المحور. ويتم المريخ دورته حول محوره كل 24 ساعة و37 دقيقة بينما تتم الأرض دورتها حول محورها كل 23 ساعة و 56 دقيقة.
السطح. يشبه سطح المريخ سطح الأرض بدرجة كبيرة بخلاف أي كوكب آخر، لكن النباتات والحيوانات الموجودة على الأرض لايمكنها الحياة على المريخ. وقلما تزيد درجة الحرارة على سطح المريخ عن الصفر المئوي. ويبدو أن المريخ كان يحتفظ بكميات كبيرة من الماء منذ ملايين السنين لكن اليوم لايوجد منها أي شيء.
يعتقد العلماء أن الماء قد تجمَّد عند القمتين القطبيتين أو أنه موجود تحت سطح الكوكب. ويحتوي الغلاف الجوي المحيط بالمريخ على بقايا الأكسجين. وبالرغم من ندرة الماء والأكسجين، فإن كثيراً من العلماء يعتقدون في وجود حياة من نوع ما على سطح المريخ. لكن لا يُوجد حتى الآن مايؤيد هذا الاعتقاد.
وبالنظر إلى سطح المريخ من خلال التليسكوب، نجد ثلاثة معالم ظاهرة هي: مناطق بيضاء وأخرى داكنة والقمتان القطبيتان. ولاتوجد محيطات على سطح المريخ، ولكن يلاحظ وجود فوهات عديدة، نتيجة اصطدام الشهب بالسطح. وأظهرت الصور التي أرسلتها مركبات الفضاء وجود الأخاديد، ومجاري الأنهار العميقة الشبيهة بالأنهار الجافة. وهذه التضاريس هي التي أوحت للعلماء بوجود المياه على سطح المريخ من قبل. أما المنطقة الواقعة بجانب خط الاستواء المريخي، فإنها تتميز بوجود براكين كبيرة جداً. والغالبية العظمى من هذه البراكين أكبر وأعلى من البراكين الموجودة في هاواي. وفي الحقيقة، فإن ارتفاع بعض البراكين العالية على المريخ تبلغ ضعف ارتفاع قمة إيفرست. والأخدود الكبير بجانب هذا البركان يمكن أن يكون انصداعًا في السطح نتيجة البراكين.
المناطق اللامعة. المناطق اللامعة ذات لون بني صدئ يميل إلى الاحمرار وتغطي نحو ثلثي مساحة سطح المريخ. وهي مناطق صحراوية جافة تغطيها الأتربة والرمال والصخور. ومعظم المواد الموجودة على السطح تحتوي على كتل من المعدن ملونة تشبه الليمونايت (أكسيد الحديد المائي) الموجود في بعض الصحاري على الأرض.
المناطق الداكنة تغطي حوالي ثلث مساحة سطح المريخ. وهي ذات توزيع غير منتظم، وتظهر عامة بلون أخضر غامق أو أزرق غامق، وهذه المناطق قديمًا كانت تُسمى ماريا (البحار) ولكنها حالياً ليس بها أي قدر من الماء.
يتغير حجم ولون هذه المناطق خلال السنة المريخية. وبعضها يزداد لمعانه أو يختفي خلال الخريف والشتاء المريخي. بينما تكبر حجمًا وتزداد قتامة خلال الربيع والصيف المريخيين، ومعظم الفلكيين يعتقدون أن هذا التغير نتيجة هبوب الرمال والأتربة التي تغطي وتعري هذه المناطق من سطح المريخ.
وفي عام 1877م، اكتشف الفلكي الإيطالي جيوفاني شيابارللي مجموعة من الخطوط تربط بين مناطق المريخ الداكنة. وقد سمى شياباريللي هذه الخطوط بكلمة ممرات، ولكن تُرجمت هذه الكلمة من الإيطالية إلى الإنجليزية إلى قنوات. ونتيجة لهذا الخطأ، ظن بعض العلماء أن هذه الخطوط قنوات مائية شيّدها نوع من الجنس البشري. ويعرف الفلكيون الآن أن هذه القنوات لم تنشأ قط على المريخ.
القمتان القطبيتان للمريخ تغطيان مساحات صغيرة عند قطبي المريخ الشمالي والجنوبي وتظهران بلون أبيض عند النظر إليهما من الأرض، ويمكن أن تحتويا على كميات كبيرة من الماء المتجمد. وهذه المناطق، مثل البحار الموجودة على المريخ تكبر وتصغر مع تغير الفصول المريخية. فهي تتبخر وتصغر في المساحة عندما تميل ناحية الشمس، بينما تتجمد وتزداد مساحتها عندما تميل بعيدًا عن الشمس. وتـَـبَخُّر المياه من القمتين القطبيتين هو الذي يمد الغلاف الجوي للمريخ ببخار الماء الموجود به.
الغلاف الجوي. للمريخ غلاف جوي أرق بمراحل عن الغلاف الجوي للأرض. ويتكون أساسًا من ثاني أكسيد الكربون مع كميات صغيرة من النيتروجين والأرجون والأكسجين وأول أكسيد الكربون والنيون والكريبتون والزينون. ويحوي جو الكوكب أيضاً كميات ضئيلة من بخار الماء. والضغط الجوي (القوة الناتجة عن وزن الغازات) للمريخ حوالي 0,007كم في السنتيمتر المربع، وهو أقل من 1% من الضغط الجوي الأرضي. ويعتقد العلماء أن الغلاف الجوي للمريخ في الماضي كان أكثر سمكًا منه الآن.
وتُوجد ثلاثة أنواع من السحب في الغلاف الجوي المريخي. الأول قرنفلي اللون من الأتربة، وتغطي مساحات واسعة من الكوكب. والثانية سحب زرقاء اللون رقيقة وتظهر كأنها مصنوعة من بلورات ثلجية. أما النوع الثالث فهو سُحُب بيضاء أكبر سمكًا ويُعتقد أنها تتكون من بخار الماء، وتتحرك أحيانًا عبر سماء الكوكب.
درجة الحرارة. يتسبب ميل محور دوران الكوكب في توزيع الطاقة الشمسية على نصفي الكوكب الشمالي والجنوبي، ويؤدي ذلك إلى التغيير في درجة الحرارة وكذلك تكوُّن الفصول. والفصول على المريخ في طولها ضعف طول الفصول على الأرض، وذلك لأن زمن دوران المريخ حول الشمس يبلغ تقريباً ضعف زمن دوران الأرض حول الشمس.
ودرجة الحرارة على المريخ أقل منها على الأرض، حيث إن المريخ أبعد عن الشمس من الأرض. وتبلغ أقل درجة حرارة مسجّلة عند خط عرض 50° شمالاً خلال الشتاء وفي الليل المريخي -124°م، بينما تبلغ أعلى درجة حرارة مسجّلة خلال اليوم المريخي في الصيف -31°م وذلك عند خط الاستواء. ودرجة الحرارة على المريخ يمكن أن ترتفع فجأة إلى 17°م عند الاستواء وتنخفض حتى - 143°م في الليل عند القطبين.
الكتلة والكثافة. تبلغ كثافة المريخ أربعة أخماس كثافة الأرض. وكتلته عُشر كتلة الأرض. وبسبب صغر الكتلة، فإن قوة الجاذبية على السطح تعادل حوالي ثلاثة أثمان قوة الجاذبية الأرضية. فالجسم الذي يزن 100كجم على الأرض يكون وزنه على المريخ حوالي 38كجم.
التوابع (الأقمار). يدور حول المريخ قمران صغيران. الأول فوبوس أكبر وأقرب إلى المريخ. وهو على مسافة 9,330كم من مركز المريخ. ويبلغ قطره حوالي 23كم عند خط استوائه بينما قطره القطبي 18كم، ويدور حول المريخ كل سبع ساعات ونصف الساعة. والثاني ديموس وهو أصغر من الأول ويبعد عن مركز الكوكب بحوالي 23,500كم، ويدور حول المريخ في حوالي 30 ساعة، وقطره يبلغ حوالي 10كم. وقد اكتشف هذين القمرين الفلكي الأمريكي أساف هول عام 1877م.
الرحلات الفضائية إلى المريخ. في عام 1965م، اقتربت أول سفينة فضاء أمريكية من كوكب المريخ وهي مارينر4، إلى مسافة 9,846كم. وفي عام 1969م وصلت المركبتان مارينر6 ومارينر7، إلى مسافة أقرب حيث كانتا على بعد 3,200كم من المريخ. وفي عام 1972م، وصلت مارينر 9 إلى مسافة 1,600كم من المريخ. واستطاعت تصوير توابع المريخ وعاصفة ترابية على سطح الكوكب والكثير من التفاصيل الموجودة على السطح. وفي عام 1971م، دار المِسْبَار الفضائي السوفييتي مارْس 3، حول المريخ، ولكن أطلق كبسولة إلى السطح، هبطت أول هبوط برفق على سطح المريخ. ولكن الكبسولة أرسلت معلومات لمدة 20 ثانية فقط، ثم تعطلت فجأة ولم ترسل أي شيء بعد ذلك. والصور التي أرسلتها مركبتا الفضاء مارينر4 ومارينر9، أظهرت آثار حفر نيزكية بسطح المريخ. ولم يشاهد الفلكيون مطلقاً أي حفر على المريخ من الأرض. وأيضاً، أظهرت مارينر4 أن المريخ ليس له مجال مغنطيسي يذكر.
هبط مسبار الفضاء الأمريكي فايكنج1 على المريخ في 20 يوليو 1976م، في المنطقة الصحراوية قرب خط الاستواء المريخي. وبعد ذلك هبط فايكنج2 في الشمال يوم 3 سبتمبر من نفس العام. وقد أرسل المسباران صورًا في غاية الوضوح والدقة عن قرب لمعالم السطح. وقام المسباران أيضًا بتحليل الغلاف الجوي وعينات من التربة للعثور على آثار حياة هناك. ولم يستطع العلماء حتى الآن تحديد أو الجزم بوجود حياة على المريخ. وأرسل الاتحاد السوفييتي (سابقًا) مركبتي فضاء غير مأهولتين إلى تابع المريخ فوبوس عام 1988م، الأولى فُقِدَت في الفضاء والثانية فُقِدَ الاتصال بها قبل هبوطها على سطح فوبوس في عام 1989م. وفي 4 يوليو 1997م، أرسلت المركبة الفضائية الأمريكية باثفايندر صورًا من المريخ بعد ساعات من هبوطها على سطحه. وكانت رحلة باثفايندر قد استغرقت 7 شهور. وكانت الولايات المتحدة قد أرسلت المجس الفضائي مارس جلوبال سريفر عام 1996م، ودار المجس في مدار حول المريخ في سبتمبر 1997م. ويحمل المجس أجهزة لدراسة المجالات المغنطيسية للمريخ، والأشعة التي تنبعث منه، ورصد حالة الطقس بهذا الكوكب.
(5)
المشترى

المشتري أكبر كواكب المجموعة الشمسية. يبلغ قطره عند خط استوائه 142,984كم تقريبًا، أي إحدى عشرة مرة قدر قطر الأرض. ويمكن وضع 1,000 أرض كأرضنا لملء جوف هذا الكوكب العملاق.
والمشتري هو الكوكب الخامس من حيث القرب من الشمس. ومتوسط بُعده عن الشمس 780 مليون كم تقريبًا بينما الأرض تبعد 150 مليون كم. وعندما يكون المشتري في أقرب مواقعه للأرض، فإنه يبعد عنها 630 مليون كم.
المدار. يدور المشتري حول الشمس في مدار إهليلجي أي بيضي الشكل. ويتراوح بُعد الكوكب عن الشمس بين 815 مليون كم في أقصى أوضاعه بُعدًا و740 مليون كم في أقرب أوضاعه. ويحتاج المشتري إلى 4,333 يومًا أرضيًا أو 12 سنة أرضية تقريبًا، ليُكمل دورة حول الشمس مُقابل 365 يومًا تحتاجُها الأرض أو سنة أرضية واحدة.
الدوران. أثناء دوران المشتري حول الشمس يدور أيضًا حول محوره. وهذا المحور خط وهمي يمر عبر مركزه ويكاد يكون عموديًا (أي له زاوية 90°) مع مستوى دوران الكوكب حول الشمس. ويبلغ ميل المحور عن الوضع المحوري 3° فقط.
والمشتري أسرع كواكب المجموعة الشمسية دوراناً حول المحور، ويستغرق في الدورة الواحدة حول نفسه 9 ساعات و 55 دقيقة مقابل 24 ساعة لدورة الأرض. ويؤدي هذا الدوران السريع إلى انبعاج أو تفلطح عند خط الاستواء وتسطّح عند القطبين. ومن ثم يزيد قطره بمقدار 9,170كم عند خط الاستواء عنه بين القطبين.
السطح والجو. لا يُرى سطح المشتري من الأرض لوجود طبقات من السُّحُب الكثيفة حوله. ويحتمل أن تكون هذه السُّحُب الواقعة على ارتفاعات كبيرة مكوَّنة من بلّورات متجمدة من النشادر والميثان. ويعتقد معظم الفلكيين أن المشتري كوكب مائع حيث يتكون أساسًا من الغازات، غير أن به بعض السوائل، ويُحتمل أن يكون له لبٌّ صخري صغير.
وعند مراقبة المشتري بالتلسكوب، فإن سلسلة من الأحزمة والنطاقات يمكن أن تُرى على سحبه. والأحزمة خطوط قاتمة تلتف حول الكوكب موازية لدائرة استوائه، بينما النطاقات مناطق فاتحة اللون بين الأحزمة. ويتغير عرض الأحزمة ومواقعها خلال السنين. والأحزمة والنطاقات ناتجة عن وجود غازات مختلفة في السحب.
ويمكن رؤية علامة بيضية كبيرة على سُحُب المشتري تسمى البقعة الحمراء الكبيرة. ويبلغ طول هذه البقعة 40,000كم، أي أكبر من قطر الأرض 3 مرات ويبلغ عرضها 32,000كم. يتغير موقع البقعة ببطء من سنة لأخرى. ويعتقد معظم الفلكيين أن البقعة اضطراب جوي شديد يُشبه الإعصار. ويبدو أنها مكونة من كُتل غازية دوّامية عنيفة.
يتكون غلاف المشتري الجوي من 84% هيدروجين و15% هيليوم تقريبًا. ويحتوي كذلك على كميات قليلة من الأسيتلين والنشادر والإيثان والميثان والفوسفين وبخار الماء.
لم يجر قياس الضغط الجوي على المشتري بدقة. وهذا الضغط هو القوة الناتجة عن وزن الغازات المكونة للغلاف الجوي للكوكب. ويُقدر الفلكيون هذا الضغط عند السطح العلوي للسُّحب بما يعادل تقريبًا ضغط الغلاف الجوي على الأرض أو 1,03كجم لكل سم². ويعتقدون أيضا أن الضغط يزداد كثيراً تحت سُحُب المشتري.
ويتكون الغلاف الجوي الكثيف للمشتري أساسًا من غاز
الهيدروجين. وقد يكون الغلاف
الجوي الداخلي مكونًا من
الهيدروجين السائل. أما لب المشتري فيبدو أنه مكون من صخور حاملة للحديد.
ولا يَعرف العلماء أي شكل من أشكال الحياة على المشتري. ويعتقد بعضهم أن كائنات مجهرية معينة، قد تكون قادرة على العيش في بعض مناطق غلافه الجوي.
درجة الحرارة. يصل معدل درجة الحرارة على السطح العلوي لسحب المشتري -140°م. ولم يُحدد العلماء بعد درجة حرارة سطح المشتري لكنهم يعلمون أن باطنه شديد الحرارة. وتصل درجة حرارة جوف الكوكب على بُعد 13,000 كم من مركزه، 19,000°م. وهو يشعّ ضِعف الحرارة التي يتلقاها من الشمس بسبب حرارته الباطنية الشديدة. وقد تكون حرارة لُبِّه المركزي 24,000°م.
الكتلة والكثافة. للمشتري كتلة أكبر من أي كوكب آخر في النظام الشمسي. فكتلته قدر كتلة الأرض 318 مرة، أما قوة الجاذبية فهي أكبر كثيرًا من جاذبية الأرض. ومن هنا فإن جسمًا يزن 45كجم على الأرض سيزن 120كجم على المشتري.
وعلى الرغم من أن للمشتري كتلة كبيرة، إلا أن كثافته متدنية. فهي تزيد قليلاً عن كثافة الماء، وتبلغ حوالي ربع كثافة الأرض.
الإشعاع الرادْيوي. يُصدر المشتري إشعاعات راديوية قوية، مختلفًا بذلك عن بقية الكواكب. وتُلتقط الإشعاعات على الأرض على شكلين: كدفقات من طاقة إشعاعية وكطاقة إشعاعية مستمرة. ويمكن التقاطها على الأرض بالتلسكوب الراديوي.
ينَتُج الإشعاع الراديوي في المشتري عن جسيمات عالية الطاقة تُكوِّن أحزمة إشعاعية حول الكوكب. وتُحتبس الجسيمات التي تنبعث عن الشمس بالمجال المغنطيسي للمشتري. ويبدو أن الدفقات الهائلة من الإشعاع الراديوي تحدث عندما يصل أحد أكبر توابع المشتري وأقربها إليه ـ وهو إيو ـ إلى نقطة معينة في مداره حول الكوكب. وفي هذه النقطة ـ فيما يبدو ـ تنساب جسيمات مشحونة كهربائيًا على طول المجال المغنطيسي بين إيو والمشتري، وينتج عنها دفقة من الطاقة الإشعاعية.
التوابع والحلقة. للمشتري 16 تابعًا معروفًا. تسمى التوابع الأربعة الكبيرة التوابع الجاليلية نسبة إلى الفلكي الإيطالي جاليليو الذي اكتشفها عام 1610م، وتزيد أقطارها على 3,100كم. ويبدو أن اثنين منهما يتكونان من نسب متساوية من المادة الصخرية والجليد، وهما غانيميد وكاليستو، ويحوي سطحاهما الكثير من الفوهات. أما الأخريان: أوربا وإيو فهما صخريان مع قليل من الجليد أو بدونه. وتوجد على إيو براكين نشطة.
وتتراوح أقطار بقية توابع المشتري الصغيرة الاثني عشر بين 15 و 170كم. وقد اكتُشفت بالتلسكوبات القوية من على الأرض، أو بمسابير الفضاء.
وللمشتري أيضا حلقة رقيقة حوله. ويبدو أن الحلقة مكونة في الغالب من حبيبات الغبار الناعمة. وهي خافتة جدًا، إذا ما قيست بحلقات زُحل الساطعة، وقُدر سُمكها بثلاثين كم. أما عرضها فأكثر من 6,400كم.
الرحلات إلى المشتري. مع بداية السبعينيات من القرن العشرين الميلادي، وبالتحديد في عام 1972م، أطلقت الولايات المتحدة بيونير10 الذي أصبح أول مسبار فضاء يمر بجانب المشتري ويتعداه. وقد مر هذا المسبار غير المأهول على بعد 130,000كم من الكوكب يوم 3 ديسمبر 1973م. وقاس المسبار حزام المشتري الإشعاعي وسجل كمية الهيدروجين والهيليوم في غلافه الجوي. واكتشف المسبار أيضًا أن للمشتري ذيلاً مغنطيسيًا هائلاً ـ ويبلغ طول هذا الذيل 800 مليون كم تقريبًا ـ ويعد امتداداً للغلاف (المجال) المغنطيسي للمشتري (نطاق له قوة مغنطيسية عالية حول الكوكب).
وفي يوم 2 ديسمبر 1974م مرَّ مسبار الفضاء بيونيرـ ساتورن على مسافة 42,000كم من المشتري. وقد زَوَّد العلماء بصور قريبة للمناطق القطبية للمشتري ومعلومات عن البقعة الحمراء الكبيرة والحقل المغنطيسي ودرجة الحرارة. وفي مارس 1979م، كان المسبار الأمريكي فويجر1 في وضعه الأقرب إلى المشتري. واكتشف هذا المسبار غير المأهول الحلقة الرقيقة التي تحيط بالكوكب. وقد مر فويجر2 قريبًا من المشتري في يوليو 1979م، وأرسل أول صور تفصيلية لتوابع المشتري الأربعة الكبيرة. وأرسل مشروع جاليليو الأمريكي مجسًا (مسبارًا) لكوكب المشتري في يوليو 1995م. وسيحاول هذا المسبار قياس بعض الخصائص تحت غيوم المشتري.
(6)
زحل

زُحَل ثاني أكبر كواكب مجموعتنا الشمسية. ولا يوجد أكبرمنه سوى المشتري أكبر كواكب هذه المجموعة. وتحيط بزحل سبع حلقات رقيقة مفلطحة. وتتركب هذه الحلقات من حليقات كثيرة متقاربة تحتوي على كرات من البَرَد تدور حول زحل. وهذه الحلقات المتلألئة بألوان زاهية تجعل من زحل واحداً من أجمل المناظر الطبيعية في مجموعتنا الشمسية. وتوجد مثل هذه الحلقات حول كل من المشتري وأورانوس ونبتون، ولكن هذه الحلقات أقل لمعاناً بكثير من الحلقات الزاهية حول زحل.
يبلغ قطر زحل عند خط استوائه 120,540كم، وهذا يعادل عشرة أمثال قطر الكرة الأرضية تقريباً. ويمكن رؤية زحل بالعين المجردة من الأرض. ولكن حلقاته لايمكن رؤيتها إلاَّ بالمنظار. وزحل هو أحد كواكب المجموعة الشمسية التي كان يعرفها قدماء الفلكيين وأطلقوا عليه اسم ساتورن وهو اسم إله الزراعة عند الرومان.
يأتي ترتيب زحل في المرتبة السادسة بين الكواكب من حيث قربه من الشمس. ويبلغ متوسط بعده عن الشمس 1,429,400,000كم مقارنًا مع بعد الأرض عن الشمس وهو 150,000,000كم. وعندما يكون زحل في أقرب موضع له من الأرض فإنه يكون على بعد 1,277,400,000 كم منها.
مداره. يدور زحل حول الشمس في مدار بيضاوي ويتراوح بعده عنها بين 1,508,900,000 كم عند أبعد نقطة منها و1,349,900,000 كم عند أقرب نقطة. وتستغرق دورة زحل حول الشمس 10,759 يوماً أرضياً أي حوالي 29,5 سنة أرضية. وذلك مقابل 365 يوماً أي سنة أرضية واحدة بالنسبة لدورة الأرض حول الشمس.
دورانه حول محوره. كما يدور زحل حول الشمس، فإنه يدور حول محوره. والمحور خط وهمي يمر بمركز الجسم. ومحور زحل ليس عمودياً على مداره أي لايكمل 90° درجة معه ولكن يميل بمقدار 27° درجة عن الوضع العمودي على المدار.
يأتي زحل بعد المشتري من حيث سرعة دورانه. يدور زحل حول محوره مرة كل عشر ساعات وتسع وثلاثين دقيقة مقابل 24 ساعة تدورها الأرض حول محورها. وينتج عن الدوران السريع لهذا الكوكب انبعاج عند خط استوائه وتفلطح عند قطبيه. ولذلك يزيد قطره عند خط الاستواء بمقدار 13,000كم عن قطره بين القطبين.
السطح والجو. يعتقد معظم العلماء أن زحل كرة ضخمة من الغاز بدون سطح صلب. ولكن يبدو أن لهذا الكوكب قلبًا داخليًا صلبًا ساخنًا، يتكون من الحديد والمواد الصخرية. ويحيط بهذا القلب المركزي الكثيف غلاف يتكون غالباً من النشادر والميثان والماء. ويحيط بذلك غلاف آخر من الهيدروجين الفلزي المسال تحت ضغط شديد جداً، تعلوه طبقة من الهيليوم والهيدروجين المضغوطين على هيئة سائل شديد اللزوجة، يتبخر جزء منه بالقرب من سطح الكوكب. وينتشر هذا المخلوط الغازي حول زحل ليكون غلافه الجوي الذي يتكون غالباً من نفس العنصرين (هيليوم وهيدروجين).
تغطي كوكب زحل طبقة كثيفة من السُحب. وتكشف الصور الفوتوغرافية للكوكب عن وجود سلسلة من الأحزمة والمناطق ذات الألوان المتغيرة على قمم تلك السُحب. ويرجع ظهور تلك المناطق الملونة إلى اختلاف درجات الحرارة في الكتل الغازية المتفاوتة الارتفاع عن سطح الكوكب. ولاتستطيع النباتات أو الحيوانات الأرضية الحياة على سطح كوكب زحل. بل يشك العلماء في إمكانية وجود أي صورة من صور الحياة على هذا الكوكب.
درجة الحرارة. تنشأ الفصول واختلاف درجات الحرارة نتيجة لميل محور زحل إلى اتجاه الدوران حول الشمس، مما يؤدي إلى اختلاف كمية الحرارة التي تصل من الشمس إلى النصف الشمالي من الكوكب عن الحرارة التي تصل إلى النصف الجنوبي منه. ولما كان زمن دورة زحل حول الشمس أطول من زمن دورة الأرض حول الشمس بكثير (حوالي 29 مرة)، فإن الفصول على زحل تكون أطول من مثيلتها على الأرض. ويستمر الفصل الواحد على زحل 7,5 سنة أرضية تقريباً. ولما كان زحل أكثر بعداً عن الشمس فإن درجة حرارته تنخفض كثيراً عن درجة حرارة الأرض. ويبلغ متوسط درجة الحرارة على قمم السُحب التي تغطي زحل 178°م تحت الصفر (-178°م).
ولكن درجة حرارة زحل تحت طبقة السُحب أعلى بكثير منها فوق القمم، ويفقد زحل مقدارًا من الحرارة التي تتسرب من باطنه أكبر من مقدار الحرارة التي يكتسبها من الشمس (الحرارة المفقودة ضعفان ونصف ضعف الحرارة المكتسبة). ويعتقد الفلكيون أن معظم الحرارة الداخلية للكوكب تأتي من الطاقة التي يفقدها الهيليوم المسال عندما يغوص ببطء في الهيدروجين المسال في باطن الكوكب. (المعروف أن الهيليوم أكثف من الهيدروجين، كما أن درجة حرارة إسالته أعلى بكثير من درجة حرارة الهيدروجين المسال ومن ثم تنطلق الحرارة منه عندما يبرد إلى درجة حرارة الهيدروجين).
الكتلة والكثافة. زحل أقل كواكب المجموعة الشمسية كثافة حيث تبلغ كثافته (1/10) كثافة الأرض وثلثي كثافة الماء. ومعنى ذلك أن قطعة من زحل سوف تطفو على سطح الماء، وتكون أخف كثيراً من قطعة من الأرض مساوية لها في الحجم. وعلى الرغم من صغر كثافة مادة زحل، إلاَّ أن كتلته أكبر من كتلة أي كوكب آخر في المجموعة ما عدا كوكب المشتري.
تبلغ كتلة زحل 95 مرة قدر كتلة الأرض، ولكن قوة جاذبيته أكبر قليلاً من جاذبية الأرض، فالجسم الذي يزن على الأرض 45كجم، سوف يزن 48كجم على كوكب زحل.
حلقات زحل. تحيط حلقات زحل بالكوكب عند خط استوائه، ولكنها لا تمسه. وتميل الحلقات على مدار الكوكب حول الشمس بنفس زاوية ميل محوره على المدار. وتحتوي الحلقات السبع الرئيسية على آلاف الحليقات الضيقة التي تتكون بدورها من بلايين من قطع البَرَد التي يتراوح حجمها بين حجم ذرات الغبار وقطع كبيرة، يزيد قطر الواحدة منها على ثلاثة أمتار. والحلقات الرئيسية عريضة جداً، حيث يصل عرض الحلقة الخارجية مثلاً إلى 300,000كم. ولكن هذه الحلقات رقيقة، لدرجة أنه لايمكن رؤيتها إذا كان سمكها على خط الرؤية من الأرض. ويتراوح سمك حلقات زحل بين 200م و3,000م. وهي منفصلة بعضها عن بعض بفجوات من الفراغ يصل عرضها إلى 200،3كم أو أكثر. وبعض هذه الفجوات يحتوي على حُلَيْقَات قليلة من البرد.
وقد اكتُشفت حلقات زحل في أوائل القرن السابع عشر على يدي الفلكي الإيطالي جاليليو. ولم يستطع جاليليو رؤية الحلقات بوضوح بوساطة تلسكوبه الصغير وظن أنها أقمار كبيرة أوتوابع لزحل.
وبعد فحص الحلقات بتلسكوب أكبر سنة 1656م، وصفها الفلكي الهولندي كريستيان هايجنز بأنها حلقة منبسطة رقيقة حول زحل. وظن هايجنز أنها حلقة من مادة صلبة. وفي عام 1675م، أعلن الفلكي الفرنسي جان دومينيك كاسيني أنه اكتشف حلقتين منفصلتين حول زحل، تتكون كل منهما من أسراب من التوابع أو الأقمار الصغيرة. ثم توالى بعد ذلك اكتشاف باقي الحلقات الرئيسية. أما الحليقات فلم تكتشف إلا سنة 1980م.
توابع (أقمار) زحل. يتبع زحل مالايقل عن 18 تابعًا بالإضافة إلى حلقاته. والتابع تيتان هو أكبر توابع زحل ويبلغ قطره 5,140 كم، ويكون بذلك أكبر من كوكب عطارد، وأكبر من كوكب بلوتو. وتيتان هو أحد التوابع القليلة في المجموعة الشمسية الذي يحيط به غلاف جوي. ويتكون غلافه الجوي أساساً من غاز النيتروجين.
وتوجد أغوار على هيئة فوهات في كثير من توابع زحل. فهناك فوهة كبيرة تغطي ثلث سطح التابع ميماس. أما التابع إيابيتوس فيظهر نصفه ساطعاً ونصفه الآخر مظلمًا، حيث يعكس النصف الساطع من ضوء الشمس عشرة أضعاف مايعكسه النصف الداكن منه. ويختلف شكل التابع هيبريون عن باقي توابع زحل. فهو على هيئة أسطوانية قصيرة وليس على هيئة كرة. كما أن محور هيبريون لايتجه نحو زحل.
وفي عامي 1980، 1981م، وأثناء إجراء التجارب بوساطة المسار الفضائي فوياجير، التُقِطَت صور غير واضحة تشير إلى إمكانية وجود ستة توابع إضافية للكوكب زحل. ولم يتابع العلماء رصد هذه التوابع، ولذلك لم يتوفر لديهم مايؤكد وجود هذه التوابع الستة بعد. والجدول المرفق يعطي بعض المعلومات عن توابع زحل المعروفة.
رحلات إلى زحل. أطلقت الولايات المتحدة سنة 1973م مركبة فضائية غير مأهولة لارتياد كوكبي زحل والمشتري. ودارت تلك المركبة التي أطلق عليها اسم رائد زحل، حول المشتري في سنة 1974م، ثم حلقت على بعد 20,900كم من زحل في أول سبتمبر سنة 1979م. وقد أرسلت هذه المركبة بيانات علمية وصوراً فوتوغرافية لكوكب زحل أسفرت عن اكتشاف الحلقتين الخارجيتين للكوكب.
اكتشفت المركبة رائد زحل أيضاً أن لهذا الكوكب مجالاً مغنطيسياً أقوى ألف مرة من المجال المغنطيسي للأرض. وينشأ عن هذا المجال وجود قوى مغنطيسية شديدة تنتشر في منطقة كبيرة حول زحل تعرف بطبقة الغلاف المغنطيسي. وكذلك دلت البيانات العلمية المرسلة من نفس المركبة على وجود أحزمة إشعاعية داخل طبقة الغلاف المغنطيسي لكوكب زحل. وتتكون هذه الأحزمة الإشعاعية من إلكترونات وبروتونات ذات طاقات عالية جداً محبوسة داخل الغلاف المغنطيسي لزحل، على غرار أحزمة فان ألن الإشعاعية التي تحيط بالأرض.
وفي عام 1977م، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية المركبتين الفضائيتين فويجر 1 وفويجر 2. حلقت المركبة فويجر 1 على ارتفاع 126,000كم فوق زحل. وفي أغسطس عام 1981م، حلقت المركبة فويجر 2 على ارتفاع 101,000كم فوق زحل أيضًا.
وقد أكدت هاتان الرحلتان وجود الحلقة السابعة حول زحل. كما اكتشفتا أن الحلقات الرئيسية مكونة من حليقات رفيعة. وبالإضافة إلى ذلك أرسلت، المركبتان بيانات وصوراً ضوئية أدت إلى اكتشاف تسعة من توابع زحل. كما كان لهاتين المركبتين الفضل في معرفة أن النيتروجين هو العنصر الأساسي الذي يتكون منه الغلاف الجوي للتابع تيتان (أكبر توابع زحل).
وفي 1988م، أعلنت وكالة الفضاء الأوروبية (وهي مؤسسة علمية تابعة لدول أوروبا)، أن لديها خططاً لإطلاق مركبة فضائية غير مأهولة تتجه نحو تيتان، أكبر توابع زحل، على أن تبدأ هذه الرحلة في أواخر التسعينيات من القرن العشرين الميلادي.
وفي عام 1997م، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية المجس كاسيني لدراسة كوكب زحل وحلقاته وتوابعه. وقد تم جدولة رحلة المجس ليصل إلى زحل عام 2004م. ويحمل المجس كاسيني المجس الأوروبي هيجنز الذي سينفصل عن كاسيني ويهبط في تيتان.
(7)
أورانوس

أورانوس سابع كوكب من حيث البعد عن الشمس. والأبعد منه هو نبتون. وأورانوس هو أبعد كوكب يمكن أن يرى بدون تلسكوب. ويبلغ متوسط بعده عن الشمس نحو 2,875,000,000كم، وهي مسافة يقطعها الضوء في حوالي ساعتين و40 دقيقة.
يتكون أورانوس من كرة ضخمة من الغازات والسوائل، ويبلغ قطره 51,118كم، أي أكثر من أربعة أضعاف قطر الأرض. وسطح أورانوس ليس صلبًا، ولكنه يتكون على الأحرى، من سحب زرقاء مخضرة مؤلفة من بلورات متناهية الصغر من الميثان. وقد تجمدت هذه البلورات من الغلاف الجوي للكوكب. ويحتمل وجود طبقات من السحب أكبر سمكًا، مؤلفة من الماء السائل وبلورات من ثلج الأمونيا، على مسافة بعيدة تحت السحب المرئية. كما يحتمل وجود محيط من الماء السائل، يحتوي على الأمونيا المذابة، على مسافة أكثر بعدًا تقدر بنحو 7500كم تحت قمم السحب المرئية. وقد يكون مركز الكوكب مكونًا من قلب صخري صغير بحجم الأرض تقريبًا. ويشك العلماء في وجود أي نوع من الحياة على كوكب أورانوس.
كان أورانوس أول كوكب يكتشف، حيث اكتشفه الفلكي البريطاني وليم هيرشيل في عام 1781م. وقد أطلق عليه الفلكي الألماني جوهان بود اسم أورانوس على اسم إله السماء في الأساطير الإغريقية. وقد حصلنا على معظم المعلومات المتعلقة بهذا الكوكب من رحلة مركبة الفضاء الأمريكية فويجر2 في عام 1986م، تلك المركبة التي مرت على مسافة 107,000كم من أورانوس.
المدار والدوران. يدور أورانوس حول الشمس في مدار بيضي الشكل. ويستغرق الكوكب 30,685 يومًا أرضيًا ليدور دورة كاملة حول الشمس، أي مايزيد قليلاً عن 84 سنة أرضية. وأثناء دورانه حول الشمس، يدور الكوكب أيضًا حول محوره، وهو خط وهمي يمر بمركزه. ويستغرق الجزء الداخلي من الكوكب (المحيط والقلب) 17 ساعة و14 دقيقة ليدور دورة كاملة حول محوره. ولكن معظم الغلاف الجوي (طبقات السحب) تدور بسرعة أكبر من هذه السرعة. وتهب الرياح بالقرب من القطبين بسرعة تزيد على 545كم في الساعة. وبالتالي فإن المناطق الموجودة بالقرب من القطبين تدور دورة كاملة كل 14 ساعة.
وأورانوس مائل على جنبه إلى الحد الذي يجعل محوره يقع على خط مستو تقريبًا مع مساره حول الشمس. يقيس العلماء ميل أي كوكب، بالنسبة لخط يشكل زاوية قائمة مع المستوى المداري، وهو سطح وهمي يلامس كل نقاط المدار. وتبلغ زاوية ميل محاور معظم الكواكب أقل من 30. على سبيل المثال، تبلغ زاوية ميل محور الأرض نحو 23,5. ولكن زاوية ميل محور أورانوس تبلغ 98، بحيث يقع المحور في المستوى المداري تقريبًا. ويعتقد العديد من العلماء أن اصطدامًا مع كوكب بحجم الأرض قد يكون هو الذي أدى إلى ميل أورانوس على جانبه، بعد وقت قصير من تشكله.
الكتلة والكثافة. تزيد كتلة أورانوس (كمية المادة) على كتلة الأرض بمقدار 14,5 مرة. بينما تبلغ كتلته حوالي 0,05 فقط من كتلة أكبر الكواكب، وهو المشتري.
تبلغ كثافة أورانوس 1,27جرام لكل سنتيمتر مكعب، أو نحو 1,25 من كثافة الماء. والكثافة هي كمية الكتلة في المادة مقسومة على حجم المادة. وتساوي كثافة أورانوس ربع كثافة الأرض، وتماثل كثافة المشتري.
تبلغ قوة الجاذبية على سطح أورانوس نحو 90% من قوة الجاذبية على سطح الأرض. وبالتالي فإن الجسم الذي يزن 100 كجم على الأرض، يزن 90 كجم على أورانوس.
الغلاف الجوي. يتكون الغلاف الجوي لأورانوس من نحو 83% هيدروجين، و15% هيليوم، و2% ميثان، وكميات صغيرة من الإثين والغازات الأخرى. ويبلغ الضغط الجوي تحت طبقة سحب الميثان، نحو 130 كيلو باسكال، أو نحو 1,3ضعف الضغط الجوي على سطح الأرض. والضغط الجوي هو الضغط الذي تبذله الغازات الموجودة في الغلاف الجوي لكوكب ما حسب وزنها.
تكتسب سحب أورانوس المرئية نفس اللون الأزرق المخضر الشاحب لسطح الكوكب. وتظهر صور أورانوس التي التقطتها مركبة الفضاء فويجر2، وتمت معالجتها بالحاسوب للحصول على قدر عال من التباين، نطاقات شاحبة داخل السحب موازية لخط الاستواء. وتتكون هذه النطاقات من تركيزات مختلفة من الضباب، يتم إنتاجها عندما تقوم أشعة الشمس بتفكيك غاز الميثان. وتوجد بالإضافة إلى ذلك بقع صغيرة على سطح الكوكب قد تكون كتلاً من الغازات المدومة بعنف مثل الإعصار .
درجة الحرارة. تبلغ درجة حرارة الغلاف الجوي نحو 214 درجة مئوية، بينما ترتفع درجة الحرارة بسرعة في الجزء الداخلي من الكوكب لتبلغ تقريبًا 2300 درجة مئوية في المحيط، و7000 درجة مئوية في القلب الصخري. يطلق أورانوس فيما يبدو قدرًا من الحرارة في الفضاء مساويًا للحرارة التي يحصل عليها من الشمس. ولأن أورانوس مائل بزاوية قدرها 98° على محوره، فإن قطبي الكوكب يتلقيان، خلال السنة الأورانوسية، قدرًا من ضوء الشمس أكبر من ذلك الذي يتلقاه خط استوائه. ومع ذلك، فإن نظام الطقس يوزع الحرارة الإضافية فيما يبدو بشكل متساو فوق الكوكب.
التوابع. لأورانوس 18 تابعًا معروفًا. وقد اكتشف الفلكيون التوابع الخمسة الأكبر حجمًا في الفترة بين عامي 1787 و1948م. وكشفت الصور التي التقطتها مركبة الفضاء فويجر2 في عام 1986م، عن عشرة توابع أخرى. واستخدم الفلكيون تلسكوباً في محطة أرضية في اكتشاف تابعين عام 1997م. وكشفت الصور التي تم التقاطها بالمركبة الفضائية فويجر2 وتلسكوب هبل الفضائي عن تابع آخر عام 1999م. وأكبر هذه التوابع حجمًا هو تيتانيا الذي يبلغ قطره 1578كم، وأصغرها كورديليا، الذي يبلغ عرضه 26كم فقط.
يتميز ميراندا، أصغر التوابع الخمسة الكبيرة، بمعالم سطح لاتشبه أي تكوين آخر في النظام الشمسي. وتشمل هذه المعالم ثلاث مناطق غريبة الشكل تسمى الأكاليل. ويتراوح امتداد كل إكليل، من جانب إلى الجانب الآخر، بين 200كم و 300كم. وتشبه المناطق الخارجية لكل إكليل مضمار السباق، مع وجود سلاسل جبلية وأخاديد متوازية تحيط بالمركز. ولكن السلاسل الجبلية والأخاديد، تتقاطع عند المركز على نحو عشوائي. ولايعرف العلماء حتى الآن كيفية تشكل هذه الأكاليل.
الحلقات. لأورانوس عدد من الحلقات حوله، وتتميز عشر من هذه الحلقات بكونها رفيعة وداكنة ويتراوح عرضها بين أقل من 5كم و100كم، ولايزيد سمكها عن 10 أمتار. ولأورانوس أيضًا حلقة عريضة أقل وضوحًا، وأقرب إلى الكوكب من الحلقات الأخرى. وتتكون الحلقات على الأرجح من قطع من الثلج يبلغ عرضها على الأقل 50سم، مغطاة بطبقة من مادة تحتوي على الكربون.
المجال المغنطيسي. يتميز أورانوس بمجال مغنطيسي قوي. ويميل محور المجال (وهو خط وهمي يصل بين قطبه الشمالي والجنوبي) بمقدار 59° من محور دوران الكوكب.
ويحجز المجال المغنطيسي للكوكب جسيمات عالية الطاقة ومشحونة كهربائيًا ـ وهي في معظمها من الإلكترونات والبروتونات ـ داخل أحزمة إشعاع موجودة حول الكوكب. ترسل هذه الجسيمات، أثناء انتقالها إلى الأمام والخلف بين القطبين المغنطيسيين، موجات راديوية. وقد تمكنت مركبة الفضاء فويجر2 من اكتشاف هذه الموجات، ولكن نسبة لضعفها الشديد يتعذر التقاطها على الأرض.
(8)
نبتون

نبتون أحد كوكبين لا يمكن رؤيتهما دون تلسكوب، حيث يبعد عن الشمس بحوالي 30 مرة قدر بعد الأرض عن الشمس. ويعتبر بلوتو الكوكب الأكثر بعدا عن الشمس. ومع أن الكوكبين متباعدان فإن بلوتو يتحرك داخل مدار نبتون لمدة 20 سنة، كل 248 سنة، وأثناء ذلك يكون أقرب إلى الشمس من نبتون. وقد عبر بلوتو مدار نبتون في 23 يناير 1979م، وبقي داخله حتى 11 فبراير 1999م.
يبلغ قطر نبتون 49,100كم، أي حوالي 4مرات قدر قطر الأرض. وتقدر كتلته بحوالي 17 مرة قدر كتلة الأرض، لكنه ليس في كثافة الأرض. ويدور حول نبتون ثمانية توابع (أقمار)، وقد اكتشف الفلكيون حلقات عديدة حول الكوكب.
يدور نبتون حول الشمس في مدار إهليلجي (بيضاوي الشكل) حيث تبلغ المسافة المتوسطة عن الشمس 4,504,300,000كم. ويكمل دورة واحدة حول الشمس كل 165سنة أرضية، بينما تتم الأرض دورتها كل سنة واحدة. وكما يدور نبتون حول الشمس فهو يدور حول محوره، (الخط الوهمي المار بمركزه). وهذا المحور ليس عموديا على مستوى مدار الكوكب حول الشمس، حيث يميل بزاوية 30°م عن اتجاهه العمودي. ويتم نبتون دورة كاملة حول محوره كل 16ساعة، وسبع دقائق.
السطح والغلاف الجوي. يعتقد العلماء أن نبتون يتركب أساسا من الهيدروجين والماء والسليكات. والسليكات هي المعادن التي تتكون منها القشرة الخارجية لصخور الأرض. لكن هذا الكوكب ليس له سطح صلب مثل الأرض، بل يغطى هذا السطح بسحب كثيفة. وعند التوغل داخل الكوكب نجد أولا طبقة من الغازات المضغوطة التي تتحول إلى طبقات من السوائل تحيط بالقلب المركزي لنبتون الذي يتكون من الصخور والثلج. وميل محور دوران نبتون يجعل أشعة الشمس تسقط على نصف الكوكب الجنوبي والشمالي بالتتابع مما ينتج عنه تغير في درجات الحرارة وتكوّن الفصول.
ويحاط الكوكب بطبقات كثيفة من السحب في حالة حركة سريعة، فالرياح تحرك هذه السحب بسرعة تصل إلى 1100 كم/س أما السحب البعيدة عن سطح نبتون فتتكون أساسا من الميثان المتجمد. ويعتقد العلماء أن السحب السوداء التي تقع أسفل سحب الميثان تتكون من كبريتيد الهيدروجين.
تظهر في الصور الفوتوغرافية لنبتون منطقة سوداء تعادل حجم الأرض. هذه المنطقة تسمى البقعة السوداء الكبرى، تتكون من غازات في حالة دوامات شديدة تشبه الأعاصير. والرياح السريعة والبقعة السوداء شبيهة بما هو على سطح المشتري.
التوابع والحلقات. لنبتون ثمانية توابع تدور حوله. اثنان منها يمكن رؤيتهما بوساطة المقراب (التلسكوب) من على سطح الأرض، وهما تريتون ونيريد. أما التوابع الستة الأخرى والحلقات العديدة حول الكوكب فقد تم اكتشافها في عام 1989م بوساطة مركبة الفضاء الأمريكية فويجير2.
ويُعدّ تريتون أكبر التوابع إذ يبلغ قطره حوالي 2,700كم ويدور حول الكوكب على بعد 354,800كم. ويعتبر أكبر التوابع داخل المجموعة الشمسية، حيث يدور في عكس اتجاه دوران الكوكب التابع له. ومدار تريتون حول نبتون دائري ويتم دورته كل ستة أيام، ويعتقد أنه كان يدور حول الشمس، وعندما اقترب من نبتون لمسافة معينة استطاعت جاذبية الكوكب جذبه وإجباره على الدوران حوله كتابع. واكتشف العلماء حقائق تدل على أن البراكين على سطح التابع قد قذفت خليطًا من الماء والأمونيا المجمدة على سطح التابع حيث تبلغ درجة الحرارة -235°م وهي أبرد درجة حرارة داخل المجموعة الشمسية. وهناك بعض البراكين ما زالت نشيطة تقذف بلورات من النيتروجين المتجمد لمسافة عشرة كيلو مترات فوق سطح التابع. أما نيريد فهو أصغر بكثير من تريتون ويبلغ قطره 340كم، ويدور في مدار إهليلجي طويل على مسافة متوسطة من نبتون تبلغ 5,6 مليون كيلو متر.
لنبتون ثلاث حلقات واضحة واثنتان خافتتان. وهذه الحلقات كلها أخفت وأظلم بكثير من حلقات زحل، لكنها تتركب من الغاز مثل حلقات زحل. والحلقات الخارجية لنبتون ليس لها مثيل داخل المجموعة الشمسية، فكل حلقة مغطاة بثلاث قطع ألمع وأكبر كثافة عن بقية الحلقات. وحتى الآن لم يستطع العلماء تحديد لماذا ينتشر الغبار بدون انتظام داخل الحلقات.
الاكتشاف. تم اكتشاف نبتون أولا باستخدام المعادلات الرياضية قبل اكتشافه بالتلسكوب. فقد لاحظ الفلكيون أن كوكب أورانوس الذي كان يعتقد أنه آخر الكواكب بعداً عن الشمس يحيد عن المكان المتوقع أن يكون فيه. ويبدو أن قوة جاذبية كوكب مجهول تؤثر على حركة وموقع أورانوس فيحدث ذلك الحيد أو الميل.
وفي عام 1843م بدأ فلكي ورياضي إنجليزي شاب يدعى جون آدمز في البحث عن مكان ذلك الكوكب المجهول، وتوقع أن يكون أكثر بعدًا من أورانوس عن الشمس بمقدار 1,6 بليون كم. وفي عام 1845م استطاع أن يكمل أبحاثه الدقيقة ثم أرسل نتيجة أبحاثه إلى السير جورج بي أري، الفلكي الأول في إنجلترا في ذلك الوقت، ولكن السير أري لم يهتم بأبحاث آدمز وأخذ يستخدم التلسكوب لمشاهدة الكوكب، حيث إنه لم يثق في آدمز وأبحاثه.
وفي هذا الأثناء استطاع رياضي فرنسي شاب، غير معروف لدى آدمز، يدعى آربان ليفرير، توقع مكان كوكب نبتون في منتصف عام 1946م ثم أرسل هذه النتائج والتي كانت مشابهة لنتائج آدمز ـ إلى مرصد أورانيا في برلين بألمانيا. وكان مدير مرصد أورانيا، يوهان غاله، قد سجل نجما ثابتا في نفس المكان الذي حدده آدمز وليفرير. وفي 23 سبتمبر 1846م اكتشف يوهان غاله ومساعده هيتريش دارست كوكب نبتون بالقرب من المكان الذي توقعه ليفرير. وعلى ذلك يرجع اكتشاف نبتون إلى كل من آدمز وليفرير. وقد سمي الكوكب نبتون باسم إله البحر عند الرومان. وفي أغسطس 1989م وصلت سفينة الفضاء فويجر2 بالقرب من الكوكب وأرسلت صورة للكوكب وأقماره وتوابعه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق